الطريق إلى العبودية

نظرية انكرتها الشيوعية وأثبتها التاريخ !!

تاليف : فردريش هايك

ترجمة : محمد مصطفى غنيم

الناشر: دار الشروق – القاهرة

الطبعة الأولى : 1994م

اعتدنا أن نقرأ أسماء للكتب اكثر تشجيعا على القراءة بان يكون العنوان الطريق إلى الحرية أو الاستقلال ولكن عنوان الطريق إلى العبودية لم يمنع من لفت النظر إليه بل كان السبب في جلب الانتباه إلى هذا الكتاب. وكان من الممكن تسمية هذا الكتاب النجاح يحققه الأفراد وليس الجماعات .. هذا الكتاب من تأليف كاتب ومفكر ألماني راحل وكتبه في عز سطوة الحكومة النازية في ألمانيا، وصدر الكتاب في 1940م فهو يعتبر قديم في تقديمه ولكنه لم يترجم للغة العربية إلا في هذا العام، والسر في أهمية هذا الكتاب والعودة اليه بعد هذا الزمن الطويل إن المؤلف صاحب نظره فلسفية تحققت فعلا، فهو في كتابه كان ينظر في المستقبل ويقول ان الأنظمة الشمولية كالحزب النازي أو الأنظمة الاشتراكية والشيوعية لن تبقى ولن تعيش طويلا لأنها مبنية على خرابها. فهذا المفكر كتب كتابه والشيوعية والاشتراكية في عز نشاطها ونجاحها وتقدمها سواء الاجتماعي أو السياسي آنذاك، لذا فان كتابه وفكره لم يلق النقاش والانتباه إليه لأنه كان يتنبأ بأمور لا تخطر على البال فى ذلك الوقت، ومن الصعب التحقق منها أو قبولها في فترة كتابة هذا الكتاب حيث كان النجاح يكلل رؤوس الاشتراكيين والحكومات الدكتاتورية المنتشرة في أوروبا وروسيا والصين، وخاصة وان الحرب كانت الشغل الشاغل لمفكري العالم، وزاد في عدم الانتباه إلى فكره انتصار الفكر الاشتراكي بعد الحرب مما جعل فكره ونظريته موضع شك !! هذا الفيلسوف الألماني يؤمن بالفرد والمبادرة الفردية، وبنى فكرته ونظريته على تتبعه للتقدم العلمي والفكري والتقدم الحضاري على مدى قرون مضت ووجد انه من نتاج المبادرات الشخصية، وبصمات الأشخاص من علماء ومفكرين وصناع وتجار وغيرهم تملأ تاريخ التطور الإنساني، بل إن الأفكار الاجتماعية الكبرى والنظريات الفكرية وجد أنها لا تنجح إلا بمبادرة الأفراد على قبولها وتبنيها، وعندما تتدخل الجماعات أو الجموع في أمر فانه يفشل في النهاية لان النجاح فردى وليس جماعي. ويرى الكاتب إن حكم الفرد(الدكتاتورية) والاشتراكية لا تنجح إلا إذا قضت على المبادرة الشخصية الفردية مما يعنى إماتة الشخصية المفكرة بل إن الاشتراكية والشيوعية تمنع الحرية الفردية وترى أنها هي أساس الشرور في الأرض وان الحرية هي حرية المجموع وليس الحرية الفردية، وكان هذا الفيلسوف يصرخ بأعلى صوته الذي لم يسمع آنذاك بسبب ضرب المدافع وهدير الطائرات بان الشرور تأتى من تجميع القوة الجمعية للأفراد بيد مجموعة تطلق لنفسها العنان للفساد والاستباحة بدعوى حماية المجموع، فهي تتكلم باسم المجموع وأي اعتراض يعنى اعتراض على المجتمع ومحاولة خلخلته. فتسعى هذه المجموعة إلى الاستيثار واحتكار الحقوق لها وتحرم البقية من إي ميزات تتعارض مع امتيازاتها الخاصة. وبمعنى آخر فان طريق الحرية في النظام الاشتراكي والنظام الشيوعي والدكتاتوريات المختلفة هي طريق العبودية والتضحية بالفردية والشخصية الإنسانية. وقد اثبت التاريخ إن نظرة هذا العالم المفكر كانت صائبة ومحقة بدليل فشل النظام الشيوعي والتحول الجماعي عن مبادئ الاشتراكية والتحمس لفكرة العولمة والدعوة لها من أنصار فكر الفرد وأعداء الاشتراكية والدكتاتورية. وعلى الرغم من النظام العالمي الحالي يسعى ليعطى الإنسان فرديته وحقوقه إلا أن الحكومات أصبحت الآن جزء من العالم الكبير وما العولمة حاليا إلا الاندماج الكبير في عالم واحد لا يلغى الفردية فقط بل ستضيع القوميات والمجتمعات فيه ليكون عالم واحد. نحتاج إلى نظرية ونبوءة تقول لنا ما هي النتائج التي ستتولد من ذلك هل هو النجاح وتحقيق مزيد من التقدم والرفاهية للفرد أم إنها انتكاسة ستصيب الإنسان وبالذات إنسان العالم الثالث .